التحق، أمس، تلاميذ مختلف الأطوار التعليمية بمؤسساتهم على وقع اعتصامات المساعدين التربويين أمام مديريات التربية بمختلف الولايات، احتجاجا على تجاهل الوزارة مطالبهم المتعلقة بالتصنيف والترقية وغيرها. وينطلق الموسم الدراسي الجديد أيضا في ظل تلويح مختلف النقابات بالاحتجاج والإضراب في الأيام القادمة، تعبيرا عن تذمر عمال القطاع من النظام التعويضي والنظام الخاص والزيادات في الأجور التي التهمتها نسب التضخم، على حد قولهم.
ومن الجهة الأخرى، كان مسؤولو التربية قد شرعوا، منذ أيام، في التهليل والتطبيل لاستقبال أبنائنا في ''أريحية'' كما يحلو لهم القول، بفضل الهياكل التي وفروها والكتب التي طبعوها، ومجانيتها بالنسبة لنصف عدد تلاميذ الأطوار الثلاثة. وقد أطل علينا السيد الوزير من قناة التلفزيون ليصرح بأنه طبع 60 مليون كتاب، وأنه سوّى وضعية أكثـر من 25 ألف أستاذ متعاقد، في انتظار تسوية الوضعيات المتبقية هذه الأيام. وسمعنا العديد من مديري التربية أيضا يعددون الهياكل الجديدة التي ستسمح لهم، كما يقولون، باستقبال التلاميذ في ''ظروف جيدة''.
ويستمع الأولياء لهذه التصريحات ولسان حالهم يقول ''خايفين تكذبوا علينا''، لأنهم يعرفون منذ سنوات طويلة أن ''الظروف الجيدة'' التي يتحدث عنها هؤلاء المسؤولون ما هي إلا كلام للاستهلاك، وسرعان ما يكتشفون بأن أكثـر من أربعين تلميذا سيحشرون في قسم واحد، لأن السلطات العمومية تقرر إنشاء أحياء ومدن جديدة، ولا تكتشف بأنها في حاجة إلى هياكل تربوية إلا بعد ترحيل المواطنين. ويضطر التلميذ للبحث عن كرسي للجلوس، ويدخل مخبرا يفتقر للتجهيزات والمواد الضرورية لإجراء التجارب. ويعرف أولياء التلاميذ، خاصة في المناطق الريفية والنائية، أن العديد من المؤسسات ستعرف عجزا في التأطير، وتبقى الكثير من المواد دون أستاذ لأشهر طويلة وربما لكامل السنة.
وتتكرر خيبة التلاميذ وأوليائهم كل سنة دراسية، ولا شيء يتغير مثله مثل وزير القطاع، والمتغير الوحيد هو نسبة النجاح التي تدفع مئات الآلاف من الناجحين في البكالوريا نحو الجامعة التي ''تعطيهم'' شهادة وتدفعهم بدورها إلى طابور البطالين.
ما أريد قوله من خلال هذه الملاحظات والحقائق التي يعرفها العام والخاص، أن مسؤولي قطاع التربية عودونا في كل موسم على رسم صورة وردية لظروف التمدرس، ويرفضون الاعتراف بأن القطاع في أسوإ حال، فالمدرسون والمؤطرون في مختلف الأطوار متذمرون من أوضاعهم الاجتماعية والمهنية، والهياكل والتجهيزات غير كافية، وكثير مما هو متوفر يعرف وضعية متردية. أما الإصلاحات والكتب والبرامج فحدث ولا حرج. ومنه، من حقنا أن نتساءل: إلى أين تتجه المنظومة التربوية بأبنائنا؟ ومن واجبنا أيضا كأولياء أن نطالب بمختلف الأشكال والأساليب بإحداث ثورة في القطاع الذي، إذا استمر على هذا الوضع، سيرهن مستقبل الأجيال.