يتسبب تأخر وصول البريد في مشكل حقيقي بالنسبة للبعض، حيث يزج بالكثيرين في السجن لعدم استلامهم استدعاءات المثول لجلسات المحكمة، فيما يستفيد البعض من المتهمين بالبراءة لغياب الضحايا لنفس السبب. تحوّل العديد من أصحاب القضايا التي تطرح عبر أروقة قاعات التقاضي بالمحاكم أو مجالس القضاء، إلى ضحايا حقيقيين بسبب تأخر وصول الاستدعاءات التي ترسل في الغالب عبر مصالح بريد الجزائر لحضور جلسات المحاكمة، مما نجم عن ذلك ضياع حقوقهم أو صدور أحكام ليست في صالحهم وأحيانا إرجاء المحاكمات إلى جولات أخرى عند الطعن ورفع قضاياهم إلى مستويات المحكمة العليا، فضلا عن إلحاق أضرار بأصحاب المؤسسات عند قطع وسائل خدماتية هامة، مثل الهاتف بسبب عدم وصول فاتورة التسديد. يعاني عدد غير محسوب من المواطنين شكّلوا أطرافا مدنية بعد رفعهم قضايا في القسم الجزائي خاصة وآخرين تم اتهامهم غيابيا، من مشكل عدم وصول البريد إليهم في الوقت الضروري لأجل حضور فصول الدعاوى، وغالبا ما كانت تلك التأخيرات أو عدم وصول البريد في أصله سببا في الحكم عليهم بالسجن غيابيا. ومثال ذلك ما حدث في قضية دنيا صاحبة الـ 10 سنوات والتي تم الاعتداء عليها جنسيا من قبل شيخ في الـ 60 من العمر حينما قصدت محله لشراء مواد غذائية، حيث حكم عليه بالبراءة لغياب الطرف المدني المتمثل في والديها لأنهما ببساطة لم يتلقيا أي استدعاء لحضور المحاكمة. القفص الحديدي بدل القفص الذهبي وفي السياق ذاته تم إدانة شاب متهم بالحبس بجرم الاختلاس وتبديد المال العام بإدانته في الحكم الابتدائي لغيابه، واضطر بحكم القانون التقاضي من جديد وحصوله على حكم بالبراءة بعد تقديمه أدلة تثبت عدم علاقته بالجرم المنسوب إليه. أما حال كمال فكان مفاجئا، حيث كان في طريقه لزيارة أهله الذين اغترب عنهم لفترة طويلة بأوروبا، وحينما لمست قدماه أرض المطار قيّد بالسلاسل واقتيد إلى السجن لصدور حكم ضده لم يحضره أيضا ولم يعلم به بتاتا. وطرافة المثال الأخير تتعلق بأنس الذي أخذ بيد عروسه ليلة فرحهما إلى أحد فنادق مدينة البليدة، لكنه عوض أن يدخل القفص الذهبي، كما يحلو تسميته، ألقي به في قفص من حديد لأنه كان مطلوب في قضية لم يعلم بها تماما. وهناك قضايا كثيرة لم يستطع أصحابها الحصول على حقوقهم أو تم إدانتهم فيها بسبب استدعاء لم يوصله موزع البريد.